أرشيف الوسم: بيت مقدس

عيد الحانوكا

عيد الحانوكَّا
عيد حانوكَّا يسمى عيد الأنوار في كتاب «تأريخ اليهود» (١٢.٧.٦-٧) للمؤرخ اليهودي يوسف بن متاثيا الكاهن (Ιώσηπος يوسيفوس فلافيوس). يقع هذا العيد في نهاية الخريف ويبدأ في الخامس والعشرين من الشهر العبري التاسع ويستمر ثمانية أيام. وتوقد الانوار في مساء كل يوم من أيامه. تُشعل الشموع في البيوت ويُتلى مزمور (دعاء) يُشكر فيه رب العالمين لنصرته اليهود في عهد الأسرة الحشمونية في ثورتهم ضد المملكة السلوقية التي حكمت سوريا وإسرائيل بقيادة أنطيوخوس الرابع. وقد ثار اليهود على هذه المملكة السلوقية لمدة ثلاث سنوات (١٦٧-١٦٥ قبل الميلاد).

يذكر التراث اليهودي أسبابا للاحتفال بعيد الأنوار. وفقا لكتاب المكابيين الثاني تشير أيام العيد الثمانية إلى أيام عيد المظال (١٠:٦). يضيف التلمود إلى هذا الكتاب سببا آخر لعدد أيام العيد التي تشير إلى معجزة حدثت للحشمونية عند تدشين البيت المقدس واستمرت ثمانية أيام. حسب التلمود لم يبق في الهيكل ما يكفي من الزيت الصالح لإيقاد الشمعدان المقدس، وبرغم ذلك فإنه أنار الهيكل ثمانية أيام بالكمية القليلة من الزيت الباقي حتى تم تخضير الزيت الجديد.

وفقاً لتلاميذ الحاخام هيلل (٣٠ ق.م.) توقد شموع كل يوم في شمعدان معد خصوصاً لذلك الغرض. يتم إضاءة شمعة واحدة في اليوم الأول، ثم شمعة ثانية في مساء اليوم الثاني وهكذا حتى تكتمل إضاءة الشموع الثمانية (التلمود البابلي “سبت” ٢١ب). يذكر التلمود البابلي (“عِبَادَةُ الأَوْثان” ٨أ) سببا لهذه العادة . عندما لاحظ آدم لأول مرة تقليص ساعات النهار في ذروة الشتاء خاف ودعا إلى المولى تعالى أن يعيد نور الشمس. بعد مرور ثمانية أيام كشف أن النهار يمتد من جديد فقرر جعل ثمانية أيام أخرى (لتوسيع ساعات النهار فيها) موعد فرح وشكر للخالق تعالى.

معنى اسم العيد “حانوكا” هو تدشين باللغة العبرية، ويشير هذا الاسم إلى تدشين البيت المقدس من جديد بعد ترميمه على يد الأسرة الحشمونية بعد انتصارهم. ترد قصة تدشين الهيكل في كتاب المكابيين الأول (٤:٥١-٥٧). إن عيد الأنوار هو من الأعياد الدينية الصغيرة وهو مناسبة سعيدة والعمل مسموح فيه وتتميز بالامتناع عن الحداد والتعبير عن الحزن (كتاب “توسفتا” مقالة “صيام” أو “تعنيوت” ٢:٥).

قصة قمصة وابن قمصة(خراب البيت المقدس الثاني)

قصة قمصة وابن قمصة من التلمود البابلي

تعرض البيت المقدس لدمار آخر ولكن هذه المرة حصل الدمار بسبب خطيئة عدم المحبة والبغض بين أبناء شعب البيت المقدس. وجاء في التلمود البابلي (جيطّين ٥٥ب)، أن هذا الخراب حصل بسبب الحقد الحاصل مِن أحد الرجال الأثرياء في أورشليم لرجلٍ يسمى ابن قمصة والرغبة بالانتقام لدى ابن قمصة ورفضهما مبدأ المسامحة.

كان رجل له صديق اسمه قمصة، وعدو يُدعى ابن قمصة، قام الرجل بعمل وليمة، وقال لخادمه، «أدعوا لي قمصة، رجاءً.» فذهب ودعى ابن قمصة. حضر ابن قمصة إلى الوليمة وجلس بين المدعوين ولما رأه المضيف صاحب الوليمة قال له:

«ماذا تفعل هنا؟»

قال له: «بما إنني جئت، لا تخجلني وتطردني، وسوف أذفع لك ثمن ما آكل وأشرب.»

قال له: «لا، أخرج!»

قال له: «سأدفع لك نصف قيمة الوليمة ولا تطردني.»

قال له: «لا، أخرج بسرعة!»

قال له: «سوف أدفع لك كل تكاليف الوليمة، وأرجوك، فقط لا تخجلني.»
قال له: «لا، أخرج فورًا!» وأخذه بيده وطرده.

استغرب ابن قمصة من تصرف الحاخامات الموجودين في الوليمة هذه، إذ أنهم اكتفوا بالسكوت، بمعنى أنهم يوافقون على تصرف صاحب الوليمة. قال ابن قمصة لنفسه: «سأنتقم منهم وسأذهب إلى الإمبراطور الروماني وأوشي عليهم.» (حيث كانت البلاد تحت الانتداب الروماني) فذهب إلى القيصر وقال له: «يا ساعدة الملك، إن اليهود تمردوا عليك.»

قال له القيصر: «هل لديك برهاناً؟»

قال له: «ارسل لهم قرباناً وسوف ترى أنهم لن يقدموه للمذبح.»

فأرسل لهم معه عجلاً وفي الطريق عمل ابن قمصة في قشرة عين العجل عيباً، في محل يعتبر حسب شريعة التوراة عيباً، ولا يعتبر عيباً وفقاً لقوانين الأوثان الرومانية.

فقال بعض الحاخامات لنقدمه للمذبح ترضية للقيصر.

رد عليهم الحاخام زكريا (ذكريا) بن أبقيلوس: «غداً سوف يقولون أن الكهنة يقدمون القرابين ذات العيوب  للمذبح!»

فقال بعضهم: «لنقتل ابن قمصة على عمله هذا، ولن يعرف القيصر إننا لم نقدم قربانه للمذبح.»

رد عليهم الحاخام ابن أبقيلوس «غداً سوف يسئلون: هل يحكم بالإعدام على من يعمل عيباً في القربان؟»

قال الحاخامات، رحمهم الله، في التلمود: إن البغض وعدم المحبة وعدم المسامحة إضافةً لذلك تردد الزعماء بأتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب كانت من أهم أسباب خراب البيت المقدس الثاني.