صوم يوم الغفران

صوم يوم الغفران
بعد عيد رأس السنة تأتي أيام التوبة وفيها تحاسب كل شخص نفسه على ما اقترفت يداه من أخطاء نحو الله تعالى ونحو الآخرين، ويشعر بالندم على ما ارتكبه ويعاهد نفسه بالعودة إلى الطريق المستقيم الصحيح وأن يكون تصرفه سليما مع الله تعالى والآخرين في المستقبل. 

إن التوبة توصل العابد إلى تصرفات حسنة وأخلاق جيدة. ويجب على كل إنسان أن يقوم بما يلي، قال حكماء التلمود يجب على الإنسان أن يعتبر أن نصفه مذنب ونصفه بريء وعليه أن يقومَ بأعمال صالحة جيدة كثيرة ليكون من الصالحين. وأضاف الحاخام ألعازار بن شمعون (عاش في نهاية القرن الثاني بعد الميلاد): ليس على الإنسان وحده فقط أن يحاسب نفسه بل عليه أن يفكّر بأن الدنيا كلها نصف مذنبة ونصف بريئة وعليه أن يقوم بأعمال صالحة لينقذ نفسه والعالم من الهلاك. (التلمود البابلي “قيدوشين” أو “خِطبة” ٤٠ب)

تستمر هذه المحاسبة للنفس مدة عشرة أيام وتصل ذروتها في صوم يوم الغفران، اليوم العاشر من الشهر السابع (شهر “تِشري” اليهودي). هذا العيد اسمه باللغة العبرية «يوم ﮐﻴبور» يعني يوم الغفران. تأمر التوراة اليهود بما يلي:﴿وَتُعذبون نُفُوسَكُمْ﴾ (اللاويين ١٦:٣١، ٢٣:٢٧ العدد ٢٩:٧) والتوقف عن متع الحياة اليومية العادية. فهم يصومون ويصلون ويمتنعون عن ممارسة العمل في هذا اليوم. يعتبر يوم كيبور اهم الاعياد اليهودية (من بعد يوم السبت المقدس)، و تتشابه الكثير من عادات صوم كيبور مع عادات الصوم الخامس.


القصد من عذاب النفس في هذا اليوم المقدس هو أن يشعر الشخص بالتوبة الكاملة كما يريد المولى تعالى منه، وأن يسلكَ الطريق الجيد المستقيم كما أوصت التوراة ويجب أن يشعرَ أن هذا العذاب سوف يربطه بالخالق تعالى بصورة أفضل.

عندما كان البيت المقدس قائما في أورشليم كانت تقام فيه الصلوات وتقدم القرابين للتكفير عن خطايا وذنوب بين إسرائيل أجمعين. ولكن بعد تدمير الهيكل المقدس قبل ألفين سنة تقريبا صارت شعائر وصلوات يوم صوم الغفران تَتُمّ في الكنس. وتقام خمس صلوات في هذا اليوم. تربط الإنسان بخالقه وتقرّبه إليه وعند ذلك يطلب السماح والغفران ويعاهد نفسه أن يتوب توبةً ناصحة ويبتعد عن كل الأعمال الشريرة ليُكتبَ اسمه في سجل الصالحين.

كذلك فأن الصلاة تعزز بعمق المعنى الروحي لليوم وتمكن المرء من لتركيز على التوبة الشخصية وعلى معنى الحياة وعلى العلاقة بين رب العالمين وبين الأسرة. ليس الهدف من اليوم التكفير عن الذنوب فقط بل إن الهدف أيضا هو إعادة وضع الأولويات الشخصية والرجوع إلى الطريق المستقيم لتكون السنة الجديدة مناسبة لأعمال الخير والأفكار الحسنة.

ِ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *